فن السرور
نورجيمى- مشرف عام القسم الاسلامي
- زقم العضويه : 11
عدد المساهمات : 1059
نقاظ : 7070
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 03/01/2010
- مساهمة رقم 1
فن السرور
فن السرور
من أعظم النعم سرور القلب ، واستقراره وهدوءه ،
فإن في سروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس ، وقالوا. إن السرور فن يدرس
، فمن عرف كيف يجلبه ويحصل عليه ، ويحظى به استفاد من مباهج الحياة ومسار العيش ،
والنعم التي من بين يديه ومن خلفه. والأصل الأصيل في طلب السرور قوة الاحتمال ،
فلا يهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث ، ولا ينزعج للتوافه. وبحسب قوة القلب
وصفائه ، تشرق النفس.
إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس ،
رواحل للهموم والغموم والأحزان ، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه المزعجات
، وخفت عليه الأزمات.
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأهون
ما تمر به الوحول
ومن أعداء السرور ضيق الأفق ، وضحالة النظرة ،
والاهتمام بالنفس فحسب ، ونسيان العالم وما فيه ، والله قد وصف أعداءه بأنهم (
أهمتهم أنفسهم ، فكأن هؤلاء القاصرين يرون الكون في داخلهم ، فلا يفكرون في غيرهم
، ولا يعيشون لسواهم ، ولا يهتمون للآخرين. إن على وعليك أن نتشاغل عن أنفسنا
أحيانا ، ونبتعد عن ذواتنا أزمانا لننسى جراحنا وغمومنا وأحزاننا ، فنكسب أمرين :
إسعاد أنفسنا ، وإسعاد الآخرين.
من الأصول في فن السرور : أن تلجم تفكيرك
وتعصمه ، فلا يتفلت ولا يهرب ولا يطيش ، فإنك إن تركت تفكيرك وشأنه جمح وطفح ،
وأعاد عليك ملف الأحزان وقرأ عليك كتاب المآسي منذ ولدتك أمك. إن التفكير إذا شرد
أعاد لك الماضي الجريح والمستقبل المخيف ، فزلزل أركانك وهز كيانك وأحرق مشاعرك ،
فاخطمه بخطام التوجه الجاد المركز على العمل المثمر المفيد ، { وتوكل على الحى
الذي لا يموت } .
ومن الأصول أيضا في دراسة السرور : أن تعطي
الحياة قيمتها ، وأن تنزلها منزلتها ، فهي لهو ، ولا تستحق منك إلا الإعراض والصدود
، لأنها أم الهجر ومرضعة الفجائع ، وجالبة الكوارث ، فمن هذه صفتها كيف يهتم بها ،
ويحزن على ما فات منها. صفوها كدر ، وبرقها خلب ، ومواعيدها سراب بقيعة ، مولودها
مفقود ، وسيدها محسود ، ومنعمها مهدد ، وعاشقها مقتول بسيف غدرها.
أبني أبينا نحن أهل منازل *** أبدا غراب
البين فيها ينعق
نبكي على الدنيا وما من معشر *** جمعتهم
الدنيا فلم يتفرقوا
أين الجبابرة الأكاسرة الألى ***
كنزوا الكنوز فلا بقين ولا بقوا
من كل من ضاق الفضاء بعيشه *** حتى ثوى
فحواه لحد ضيق
خرس إذا نودوا كأن لم يعلموا *** أن الكلام لهم
حلال مطلق
وفي الحديث : ( إنما العلم بالتعلم والحلم
بالتحلم ) وفي فن الآداب : وإنما السرور باصطناعه واجتلاب بسمته ، واقتناص أسبابه
، وتكلف بوادره ، حتى يكون طبعا.
إن الحياة الدنيا لا تستحق منا إعادتها العبوس
والتذمر والتبرم.
حكم المنية في البرية جاري *** ما هذه الدنيا
بدار قرار
بينا ترى الإنسان فيها مخبرا *** ألفيتة خبرا
من الأخبار
طبعت على كدر، وأنت تريدها ***
صفوا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في
الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما *** تبني
الرجاء على شفير هاو
والعيش نوم والمنية يقظة *** والمرء بينهما
خيال ساري
فاقضوا مآربكم عجالا إنما *** أعماركم
سفر من الأسفار
وتركضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تسترد
فإنهن عوار
ليس الزمان وإن حرصت مسالما *** طبع
الزمان عداوة الأحرار
والحقيقة التي لاريب فيها أنك لا تستطيع أن
تنزع من حياتك كل آثار الحزن ، لأن الحياة خلقت هكذا { لقد خلقنا الإنسان في كبد }