2 مشترك
تطور مفهوم الطب عبر العصور
زهرة الليلك- مديــــــر المنتـــــدي
- زقم العضويه : 7
عدد المساهمات : 4378
نقاظ : 12264
السٌّمعَة : 45
تاريخ التسجيل : 02/01/2010
العمر : 39
الموقع : سوريا /// العاصمة /////دمشق/////
- مساهمة رقم 1
تطور مفهوم الطب عبر العصور
[size=18]الطب في بلاد ما بين النهرين
بقلم الدكتور عبد العزيز اللبدي
في حوالي القرن الثلاثين ق.م. وصل تطور المجتمع في بلاد ما بين النهرين إلى مرحلة نشوء الطبقات وتطور
المجتمع الزراعي إلى مرحلة الري الدائم، وإلى تكوين الدولة في جنوب العراق – سومريين، وكانت الغزوات
السامية من الجزيرة العربية مستمرة منذ القرن الخامس والثلاثين، وقد وصل سرجون الأكدي إلى الحكم من 2240
– 2198 ق.م. ليكوّن الإمبراطورية الأولى في العالم والتي وصلت حتى البحر المتوسط واستمر سرجون في استعمال
الحروف السومرية واللغة السومرية ونقل كل المعلومات المتاحة عند السومريين في مختلف العلوم ومنها الطب.
وكان طب السومريين في أول الأمر مبنياً على الطب السحري والعقاقير في العهد القديم والوسيط، والعامل
الأساسي فيه هو الدم الذي تتركز فيه جميع وظائف الحياة ويليه في الأهمية الماء والنار(1).
وكان عندهم طبيب يمارس المهنة اسمه اسو (ASU) وهو غير الساحر أو المنوم (ASIPU) وكان للسومريين إله
للطب اسمه "ايا" إله الماء، وحامية الطب الآلهة كولا، وإله الطب نن آزو Nin-Azu وإله الريح وزوج انكي
إله المحيط والحكمة والحضارة، وابنه نينجيشيزيدا(2). ويرمز له بثعبانين حول عصا.
وكان المرض عبارة عن عقاب إلهي، والشفاء تنقية من الآثام والذنوب(3) ويعود تاريخ أقدم الوصفات
الطبية التي وصلتنا لحد الآن إلى 2100 ق.م.(4). وفيما يلي اقتباس من هذه النصوص: "بعد سحق جذور
النباتات المنصوص عليها مع القير المجفف الذي يؤخذ من النهر ومزجه بالجعة يدعك المكان المصاب بالزيت
ويوضع الدواء على شكل كمادة".
وفي وصفة أخرى يشار على المريض بأخذ العديد من الأدوية النباتية مثل آلتين المجفف وأدوية مستحضرة من
أملاح مختلفة يشار عليه أن يقوم بتسخين المواد ومن ثم مسح المكان المصاب بالمزيج(5)
ويستنتج من هذه الوثيقة: 1- أن السومريين كانوا على معرفة بالأدوية النباتية والمعدنية. 2- استخدام
أشكال مختلفة للدواء مثل تناوله بالفم والكمادات والدعك والحقن والمغليات والأمزجة السائلة والحقن
الشرجية والمهبلية والمنقوعات وكانوا يطلقون على العقاقير أسماء عضوية حسب تشابهها بعضو حيواني.
فكانت طرق العلاج عندهم ثلاث: • العلاج الطبي بالعقاقير. • العلميات الجراحية. • الرقي والتعاويذ لطرد
الأرواح والشياطين. وقد عرف السومريون الكثير من الأمراض وذكروها وصنفوها وعرفوا الأمراض النفسية
والأمراض التناسلية وأعراض التسمم ولدغ العقرب والحية، وأمراض القلب والعيون والحنجرة والصدر(6).
وتميز البابليون بدقة تبويب معارفهم وبتطبيق معلوماتهم في الرياضيات والفلك على ثقافتهم الطبية(7).
وقد استخدم علماء بابل في تحضيرهم للأدوية طرقا علمية تخضع للتجارب المخبرية فلقد استعملوا المغليات
والأمزجة السائلة وتدل الألواح الطينية على أن البابليين تمكنوا من تحضير 250 عقاراً من الأعشاب و120 من
المعادن ولعلماء بابل طريقة لدراسة الأعشاب الطبية بحيث خصصوا العمود الأول لاسم العشب أم العمود
الثاني فلاسم المرض الذي يعالج فيه، أما العامود الثالث فيحتوي على طريقة تحضير الدواء من الأعشاب المختلفة والعمود الرابع لعدد مرات استعمال الدواء(.
أما الوصفات العلاجية عند البابليين
فقد كانت تحوي: 1- سرد أعراض المرض والتشخيص المفروض. 2- الأدوية التي يجب استعمالها وطريقة تحضيرها
وإعطائها للمريض. 3- نتيجة العلاج.
وقد حدد حمورابي(9) 1793 – 1750 ق.م. القوانين الخاصة بممارسة مهنة الطب. وذكر في وثائقه مئات الرقم
الطينية التي تعنى بالعلوم الطبية. وذكرت الجراحة في كسرتين الأولى تخص إزالة الماء الأزرق من العين
والثانية تتعلق بعملية إزالة الجزء الملتهب من أحد العظام وتقرأ: "إذا كان المرض قد وصل إلى داخل
العظم فعليك أن تكشفه وتزيله" والمواد 215 – 223 من قانون حمورابي تعد من أقدم القوانين الطبية
المعروفة وتبين المكانة المرموقة التي كان يتمتع بها الطبيب في عهده، وصرامة العقوبات التي يمكن أن ينالها
الطبيب إذا فشل وهذا يدل على مدى الاهتمام باتقان العمل الطبي. وتنص المادة 215 "إذا أجرى جرّاح
عملية كبيرة لنبيل من النبلاء بمبضع من البرونز وأنقذ حياة النبيل فيأخذ عشرة شيقلات من الفضة أجرة
له، أما إذا تسبب في موت ذلك النبيل أو في تلف عينه فتقطع يد الجراح" وتنص المادة 221 "إذا جبر جراح
عظم نبيل من النبلاء أو إذا عالج عضلا ملتويا فشفاه فعلى المريض أن يدفع خمسة شيقلات من الفضة أجرة
الجراح". ويكون الأجر أقل من ذلك إذا كان المريض من الطبقة العامة أو من العبيد وتتعلق المادة 224 –
225 بالطب البيطري.
وتدل هذه النصوص على أن التخصص في الجراحة قد بدأ منذ ذلك العهد ولكن صعود وهبوط الحضارات الشرقية
أدى إلى أن الحلاقين أصحبوا أيضاً يمارسون مهنة خلع الأسنان وتجبير الكسور. ولا شك أن قانون حمورابي في الطب
هو استمرار لفلسفته التي تنطلق من قانون "العين بالعين والسن بالسن التي ذكرها". وهذا العقاب الصارم
ساهم بالتحفظ في إجراء الجراحات في العراق بشكل خاص وفي كل المنطقة العربية حيث ما زال قانون العين
بالعين والسن بالسن ساريا ومعروفاً في كل المنطقة العربية وشجع في المقابل التعامل مع العقاقير المختلفة
من جهة ومع التعاويذ والرقى.
ولكن قوانين حمورابي تشكل الحد الفاصل بين الممارسة الكهنوتية للطب وبداية نشوء الطب كمهنة يمارسها
أطباء فقط. وفي عصر الدولة الآشورية الثانية، جمع آشور بانيبال أضخم مكتبة تحتوي على 30 ألف لوح طبي
تعد في التاريخ من أبرز نصوص مكتبة آشور بانيبال وكانت تحتوي على سلسلة تضم أربعين فصلاً طبياً نستعرض
أهمها:(10). الفصل الأول والثاني عبارة عن نصوص فأل خاصة بالمعزم القادم لزيارة المريض والجزء الثاني
دون على 12 وثيقة مسمارية خصصت لدراسة الأعراض التي تطرأ على أجزاء الجسم الظاهرة أي أنها اهتمت
بالتشخيص أكثر من اهتمامها بالمرض أو نوعه. أما الجزء الثالث فكتب على عشرة رقم، ومن الطريف أن
الكاتب صنف تدرج المرض بالاستناد إلى بقائه يوماً واحداً أو يومين أو ثلاثة أو خمسة عشر يوماًَ أو إذا ما
دام المرض شهراً أو شهرين أو أطول مثلاً. "إذا استمر المرض أربعة أيام وبقي المريض يضع يده على بطنه
من شدة الألم وكان وجهه مصفراً فإنه سيموت". "إذا ظل المريض بعد أربعة أو خمسة أيام فسيخفف المرض".
أما الجزء الرابع ويضم عشرة رقم في الحذر وعدم القدرة على الجماع والهذيان والحالات النفسية كاختلال
العقل والصرع. والجزء الخامس وكتب على ستة ألواح فيتعلق بأم المستقبل أو المرأة الحامل والوليد
والأمراض النسائية ولم تذكر موسوعة حضارة العراق أي شيء عن الجراحة المذكورة في قوانين حمورابي
لقد ساهمت التجارة والحروب في نقل الحضارة في الشرق الأوسط وقد ذكر مثلاً أن لقاء تم بين عام 1280
ق.م(11). بين طبيبين بابليين في بلاط حتوسيل الملك الحثي أحدهما رابا شامردوخ الذي أتى من بابل قبل سنين
وعمل في خدمة الحثيين وقد التقى رابا شامرودخ مع الطبيب المصري باريماخو وليست هذه هي المقابلة الأولى
من نوعها فقد كان انتقال العلوم منتشراً وكان الطلاب يقصدون المراكز المختلفة. وقد اشتهرت مراكز في
العراق مثل مدينة آشور ونينوى ونفر وايسق، كما اشتهرت في مصر مدينة منف والإسكندرية لاحقاً.
وكان الأطباء العراقيون محل طلب الممالك الأخرى مثل الذي ذهب إلى ملك الحثيين. وهناك رسائل لا حصر لها
مرسلة من مملكة ماري إلى آشور في حدود القرن الرابع عشر ق.م. تحمد وتجل الأطباء العراقيين. ويفهم من
بعض الرسائل وجود مراكز إقامة للمرضى أي مستشفيات بالمفهوم الحديث لعلاج مغنيين ومغنيات أحد المعابد
في نفر. ويذكر أيضاً أنه كان في بلاد آشور مجلس طبي فقد تمت به كليات طب في بورسيا والوركا(12)
وتذكر الرسائل أيضاً عن نظام ترتيب الأطباء استناداً لمراتبهم العلمية كرئيس الأطباء راباسي. ويمكن
التكهن أنه كان لديهم أبطاء للجيوش ومرافقة الحروب كما كان في مصر بالإضافة إلى البلاط وكان الأطباء
ملتزمون بتأدية قسم أبوقراط الحالي. وما زالت معلوماتنا عن الطب العراقي القديم غير مكتملة فمثلاً
هناك نقص في معلومات التشريح الذي مارسوه بلا شك والجراحة أيضاً لم يترجم منها الكثير. ولكن لا بد أن
نذكر رواية هيرودوت أن المرضى كانوا يعرضون في المرافق العامة ليلتمسوا نصائح عابري السبيل والتي
تذكرها موسوعة حضارة العراق على أنها سلبية، وأنا أرى فيها إيجابيات: 1- الإيمان بمادية المرض والاتجاه
إلى التعاويذ وما شابه أي إمكانية شفائه. 2- الإيمان بعدم معرفة الإنسان الشاملة لكل شيء. 3- الإيمان
بأسلوب التجربة والخطأ وهذا أسلوب علمي.
-1جورج شحاته القنواتي / الصيدلة والعقاقير في العهد القديم والوسيط. 2- حضارةالعراق / الجزء الثاني
/ نخبة من الباحثين. 3- عبد العظيم حنفي صابر، وشحاته قنواتي / موجز . تاريخ الصيدلة. 4- الدور
العربي في م. ص. ع. 5- حضارة العراق / ص 321 / نفس المصدر السابق. 6- محمد عزه دروزه / الجنس
العربي، ج1 ص177 المكتبة العصرية / بيروت. 7- د. بول غليونجي / الطب عند قدماء المصريين ص 28 . 8-
جورج شحاته القنواتي / تاريخ الصيدلة في العهد القديم والوسيط، ص7 / نفس المصدر السابق. 9- حضارة
العراق – نفس المصدر السابق ج2 ص 335 . 10- حضارة العراق – نفس المصدر السابق. 11- ديتلف روستر
ALTE CHIRURGIE P.38. VEB VERLAG – Volk UND GESUNDHEIT BERLIN DDR 1985. 12- حضارة العراق –
المصدر السابق ص 337.
والى اللقاء في الحلقة القادمة
[/size]بقلم الدكتور عبد العزيز اللبدي
في حوالي القرن الثلاثين ق.م. وصل تطور المجتمع في بلاد ما بين النهرين إلى مرحلة نشوء الطبقات وتطور
المجتمع الزراعي إلى مرحلة الري الدائم، وإلى تكوين الدولة في جنوب العراق – سومريين، وكانت الغزوات
السامية من الجزيرة العربية مستمرة منذ القرن الخامس والثلاثين، وقد وصل سرجون الأكدي إلى الحكم من 2240
– 2198 ق.م. ليكوّن الإمبراطورية الأولى في العالم والتي وصلت حتى البحر المتوسط واستمر سرجون في استعمال
الحروف السومرية واللغة السومرية ونقل كل المعلومات المتاحة عند السومريين في مختلف العلوم ومنها الطب.
وكان طب السومريين في أول الأمر مبنياً على الطب السحري والعقاقير في العهد القديم والوسيط، والعامل
الأساسي فيه هو الدم الذي تتركز فيه جميع وظائف الحياة ويليه في الأهمية الماء والنار(1).
وكان عندهم طبيب يمارس المهنة اسمه اسو (ASU) وهو غير الساحر أو المنوم (ASIPU) وكان للسومريين إله
للطب اسمه "ايا" إله الماء، وحامية الطب الآلهة كولا، وإله الطب نن آزو Nin-Azu وإله الريح وزوج انكي
إله المحيط والحكمة والحضارة، وابنه نينجيشيزيدا(2). ويرمز له بثعبانين حول عصا.
وكان المرض عبارة عن عقاب إلهي، والشفاء تنقية من الآثام والذنوب(3) ويعود تاريخ أقدم الوصفات
الطبية التي وصلتنا لحد الآن إلى 2100 ق.م.(4). وفيما يلي اقتباس من هذه النصوص: "بعد سحق جذور
النباتات المنصوص عليها مع القير المجفف الذي يؤخذ من النهر ومزجه بالجعة يدعك المكان المصاب بالزيت
ويوضع الدواء على شكل كمادة".
وفي وصفة أخرى يشار على المريض بأخذ العديد من الأدوية النباتية مثل آلتين المجفف وأدوية مستحضرة من
أملاح مختلفة يشار عليه أن يقوم بتسخين المواد ومن ثم مسح المكان المصاب بالمزيج(5)
ويستنتج من هذه الوثيقة: 1- أن السومريين كانوا على معرفة بالأدوية النباتية والمعدنية. 2- استخدام
أشكال مختلفة للدواء مثل تناوله بالفم والكمادات والدعك والحقن والمغليات والأمزجة السائلة والحقن
الشرجية والمهبلية والمنقوعات وكانوا يطلقون على العقاقير أسماء عضوية حسب تشابهها بعضو حيواني.
فكانت طرق العلاج عندهم ثلاث: • العلاج الطبي بالعقاقير. • العلميات الجراحية. • الرقي والتعاويذ لطرد
الأرواح والشياطين. وقد عرف السومريون الكثير من الأمراض وذكروها وصنفوها وعرفوا الأمراض النفسية
والأمراض التناسلية وأعراض التسمم ولدغ العقرب والحية، وأمراض القلب والعيون والحنجرة والصدر(6).
وتميز البابليون بدقة تبويب معارفهم وبتطبيق معلوماتهم في الرياضيات والفلك على ثقافتهم الطبية(7).
وقد استخدم علماء بابل في تحضيرهم للأدوية طرقا علمية تخضع للتجارب المخبرية فلقد استعملوا المغليات
والأمزجة السائلة وتدل الألواح الطينية على أن البابليين تمكنوا من تحضير 250 عقاراً من الأعشاب و120 من
المعادن ولعلماء بابل طريقة لدراسة الأعشاب الطبية بحيث خصصوا العمود الأول لاسم العشب أم العمود
الثاني فلاسم المرض الذي يعالج فيه، أما العامود الثالث فيحتوي على طريقة تحضير الدواء من الأعشاب المختلفة والعمود الرابع لعدد مرات استعمال الدواء(.
أما الوصفات العلاجية عند البابليين
فقد كانت تحوي: 1- سرد أعراض المرض والتشخيص المفروض. 2- الأدوية التي يجب استعمالها وطريقة تحضيرها
وإعطائها للمريض. 3- نتيجة العلاج.
وقد حدد حمورابي(9) 1793 – 1750 ق.م. القوانين الخاصة بممارسة مهنة الطب. وذكر في وثائقه مئات الرقم
الطينية التي تعنى بالعلوم الطبية. وذكرت الجراحة في كسرتين الأولى تخص إزالة الماء الأزرق من العين
والثانية تتعلق بعملية إزالة الجزء الملتهب من أحد العظام وتقرأ: "إذا كان المرض قد وصل إلى داخل
العظم فعليك أن تكشفه وتزيله" والمواد 215 – 223 من قانون حمورابي تعد من أقدم القوانين الطبية
المعروفة وتبين المكانة المرموقة التي كان يتمتع بها الطبيب في عهده، وصرامة العقوبات التي يمكن أن ينالها
الطبيب إذا فشل وهذا يدل على مدى الاهتمام باتقان العمل الطبي. وتنص المادة 215 "إذا أجرى جرّاح
عملية كبيرة لنبيل من النبلاء بمبضع من البرونز وأنقذ حياة النبيل فيأخذ عشرة شيقلات من الفضة أجرة
له، أما إذا تسبب في موت ذلك النبيل أو في تلف عينه فتقطع يد الجراح" وتنص المادة 221 "إذا جبر جراح
عظم نبيل من النبلاء أو إذا عالج عضلا ملتويا فشفاه فعلى المريض أن يدفع خمسة شيقلات من الفضة أجرة
الجراح". ويكون الأجر أقل من ذلك إذا كان المريض من الطبقة العامة أو من العبيد وتتعلق المادة 224 –
225 بالطب البيطري.
وتدل هذه النصوص على أن التخصص في الجراحة قد بدأ منذ ذلك العهد ولكن صعود وهبوط الحضارات الشرقية
أدى إلى أن الحلاقين أصحبوا أيضاً يمارسون مهنة خلع الأسنان وتجبير الكسور. ولا شك أن قانون حمورابي في الطب
هو استمرار لفلسفته التي تنطلق من قانون "العين بالعين والسن بالسن التي ذكرها". وهذا العقاب الصارم
ساهم بالتحفظ في إجراء الجراحات في العراق بشكل خاص وفي كل المنطقة العربية حيث ما زال قانون العين
بالعين والسن بالسن ساريا ومعروفاً في كل المنطقة العربية وشجع في المقابل التعامل مع العقاقير المختلفة
من جهة ومع التعاويذ والرقى.
ولكن قوانين حمورابي تشكل الحد الفاصل بين الممارسة الكهنوتية للطب وبداية نشوء الطب كمهنة يمارسها
أطباء فقط. وفي عصر الدولة الآشورية الثانية، جمع آشور بانيبال أضخم مكتبة تحتوي على 30 ألف لوح طبي
تعد في التاريخ من أبرز نصوص مكتبة آشور بانيبال وكانت تحتوي على سلسلة تضم أربعين فصلاً طبياً نستعرض
أهمها:(10). الفصل الأول والثاني عبارة عن نصوص فأل خاصة بالمعزم القادم لزيارة المريض والجزء الثاني
دون على 12 وثيقة مسمارية خصصت لدراسة الأعراض التي تطرأ على أجزاء الجسم الظاهرة أي أنها اهتمت
بالتشخيص أكثر من اهتمامها بالمرض أو نوعه. أما الجزء الثالث فكتب على عشرة رقم، ومن الطريف أن
الكاتب صنف تدرج المرض بالاستناد إلى بقائه يوماً واحداً أو يومين أو ثلاثة أو خمسة عشر يوماًَ أو إذا ما
دام المرض شهراً أو شهرين أو أطول مثلاً. "إذا استمر المرض أربعة أيام وبقي المريض يضع يده على بطنه
من شدة الألم وكان وجهه مصفراً فإنه سيموت". "إذا ظل المريض بعد أربعة أو خمسة أيام فسيخفف المرض".
أما الجزء الرابع ويضم عشرة رقم في الحذر وعدم القدرة على الجماع والهذيان والحالات النفسية كاختلال
العقل والصرع. والجزء الخامس وكتب على ستة ألواح فيتعلق بأم المستقبل أو المرأة الحامل والوليد
والأمراض النسائية ولم تذكر موسوعة حضارة العراق أي شيء عن الجراحة المذكورة في قوانين حمورابي
لقد ساهمت التجارة والحروب في نقل الحضارة في الشرق الأوسط وقد ذكر مثلاً أن لقاء تم بين عام 1280
ق.م(11). بين طبيبين بابليين في بلاط حتوسيل الملك الحثي أحدهما رابا شامردوخ الذي أتى من بابل قبل سنين
وعمل في خدمة الحثيين وقد التقى رابا شامرودخ مع الطبيب المصري باريماخو وليست هذه هي المقابلة الأولى
من نوعها فقد كان انتقال العلوم منتشراً وكان الطلاب يقصدون المراكز المختلفة. وقد اشتهرت مراكز في
العراق مثل مدينة آشور ونينوى ونفر وايسق، كما اشتهرت في مصر مدينة منف والإسكندرية لاحقاً.
وكان الأطباء العراقيون محل طلب الممالك الأخرى مثل الذي ذهب إلى ملك الحثيين. وهناك رسائل لا حصر لها
مرسلة من مملكة ماري إلى آشور في حدود القرن الرابع عشر ق.م. تحمد وتجل الأطباء العراقيين. ويفهم من
بعض الرسائل وجود مراكز إقامة للمرضى أي مستشفيات بالمفهوم الحديث لعلاج مغنيين ومغنيات أحد المعابد
في نفر. ويذكر أيضاً أنه كان في بلاد آشور مجلس طبي فقد تمت به كليات طب في بورسيا والوركا(12)
وتذكر الرسائل أيضاً عن نظام ترتيب الأطباء استناداً لمراتبهم العلمية كرئيس الأطباء راباسي. ويمكن
التكهن أنه كان لديهم أبطاء للجيوش ومرافقة الحروب كما كان في مصر بالإضافة إلى البلاط وكان الأطباء
ملتزمون بتأدية قسم أبوقراط الحالي. وما زالت معلوماتنا عن الطب العراقي القديم غير مكتملة فمثلاً
هناك نقص في معلومات التشريح الذي مارسوه بلا شك والجراحة أيضاً لم يترجم منها الكثير. ولكن لا بد أن
نذكر رواية هيرودوت أن المرضى كانوا يعرضون في المرافق العامة ليلتمسوا نصائح عابري السبيل والتي
تذكرها موسوعة حضارة العراق على أنها سلبية، وأنا أرى فيها إيجابيات: 1- الإيمان بمادية المرض والاتجاه
إلى التعاويذ وما شابه أي إمكانية شفائه. 2- الإيمان بعدم معرفة الإنسان الشاملة لكل شيء. 3- الإيمان
بأسلوب التجربة والخطأ وهذا أسلوب علمي.
-1جورج شحاته القنواتي / الصيدلة والعقاقير في العهد القديم والوسيط. 2- حضارةالعراق / الجزء الثاني
/ نخبة من الباحثين. 3- عبد العظيم حنفي صابر، وشحاته قنواتي / موجز . تاريخ الصيدلة. 4- الدور
العربي في م. ص. ع. 5- حضارة العراق / ص 321 / نفس المصدر السابق. 6- محمد عزه دروزه / الجنس
العربي، ج1 ص177 المكتبة العصرية / بيروت. 7- د. بول غليونجي / الطب عند قدماء المصريين ص 28 . 8-
جورج شحاته القنواتي / تاريخ الصيدلة في العهد القديم والوسيط، ص7 / نفس المصدر السابق. 9- حضارة
العراق – نفس المصدر السابق ج2 ص 335 . 10- حضارة العراق – نفس المصدر السابق. 11- ديتلف روستر
ALTE CHIRURGIE P.38. VEB VERLAG – Volk UND GESUNDHEIT BERLIN DDR 1985. 12- حضارة العراق –
المصدر السابق ص 337.
والى اللقاء في الحلقة القادمة
عبدو- مشرف
- زقم العضويه : 160
عدد المساهمات : 1381
نقاظ : 7007
السٌّمعَة : 75
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
العمر : 53
الموقع : الجميع
- مساهمة رقم 2
رد: تطور مفهوم الطب عبر العصور
شكرا اخي الفاضل
موضوع شيق وجميل
بس لي اقتراح قابل للرفض او القبول
ان الموضوع لو كان شيق وجميل مثل هذا علي ما اعتقد ان اغلب المشاركين في المنتدى ما يقراوه لانه طويل جدا
فلو تقسمه الى اجزاء يكون اسهل في قرائته على المشاركين
تقبل كلماتي بصدر رحب
لك مني كل الاحترام والتقدير
موضوع شيق وجميل
بس لي اقتراح قابل للرفض او القبول
ان الموضوع لو كان شيق وجميل مثل هذا علي ما اعتقد ان اغلب المشاركين في المنتدى ما يقراوه لانه طويل جدا
فلو تقسمه الى اجزاء يكون اسهل في قرائته على المشاركين
تقبل كلماتي بصدر رحب
لك مني كل الاحترام والتقدير