3 مشترك
اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ
ابوعادل- صديق جديد
- عدد المساهمات : 17
نقاظ : 5125
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/12/2010
- مساهمة رقم 1
اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ
بسم الله الرحمن الرحيم
أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
إن الأمة الإسلامية قد تتعرض لفترات ضعف ، تؤثر على شخصيتها ، لكن يظل منهجها الرباني قائماً بالقسط لا يثلمه ظلم غادر ، أو طغيان متجبر ، أو تحريف غال ..
و قد سعى أعداء الإسلام و منذ عصر الرسالة ، للطعن في هذا الدين بشتى الوسائل والطرق ، و بذلوا في ذلك الغالي والنفيس ، لكن الله لم يمكن لهم ، فرد كيدهم ، و قطع ألسنتهم ، و فضح سرائرهم ..
و إن من أكثر الأمور التي يستغلها الأعداء للدس والطعن في هذا الدين ، هو التاريخ ! نعم هو التاريخ ..
قد تتساءلون كيف ؟ أقول : إن أحداث التاريخ عامة ، والتاريخ الإسلامي خاصة لم يتم تدوينها إلا في زمن العباسيين ، فالأحداث التي حدثت قبل تلك الفترة اعتمد المؤرخون في تدوينها على الرواة و هؤلاء الرواة يتفاوتون في درجاتهم ، و عدالتهم ..
خاصة إذا علمنا أن من بين الرواة من تأثر بالفكر الخارجي ، وآخر بالفكر الرافضي ، و ثالث من تستهويه المناصب .. الخ .
لذا فقد وضع أهل الاختصاص قواعد مهمة لقبول تلك الروايات ، تماماً كتلك القواعد التي وضعت لدراسة الحديث النبوي الشريف ، من دراسة للسند و المتن ، و غيرها .. كذلك وضعوا شروطاً لقبول تلك الرواية ، شروط تتعلق بالحدث ، و أخرى براوي الحدث .
و بما أن هذا الدس وقع في فترة هي عزيزة على قلوبنا ، ألا و هي الفترة الذهبية كما يسميها أهل العلم ، لذا فإنه علينا نحن أحفاد الصحابة أن نذب عنهم ما نستطيع ، كل حسب قدرته ، و كل في موضعه ، و لئن أتى على هذه الأمة خريف أسقط ما عليها من ورق ، و لم يرى الراءون عليها ما اعتادوا من أطايب الثمر ، و أقبل صبيان التاريخ يتقافزون على فروعها و يقتطعون منها ، فإن من طبائع الأمور الخاضعة لسنة الله أن تمد جذورها من جديد ، فتعود مورقة تستظل البشرية بظلها ، و لن يصلح شأن هذه الأمة إلا بما صلح به أولها .
و من هذا المنطلق فقد استعنت بالله أن أقوم بهذا الجهد المتواضع ، لعل الله أن ينفع به ، فأسميته (( أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ )) ، و لعل هذا الاسم ليس غريباً عن البعض منكم ، فهو عنوان لكتاب من تأليف الدكتور : إبراهيم شعوط ، لكن هذا الكتاب على الرغم من أن صاحبه أظهر فيه الغيرة على التاريخ الإسلامي ، و أثار مسائل تحتاج إلى بحث و تمحيص ، إلا أنه وقع في أخطاء كثيرة جعلت من تلك الأخطاء ، أباطيل تضاف إلى تلك الأخطاء التي دافع عنها . و ليس هنا مجال الحديث عن هذا الكتاب ، لكن من أراد الاستزادة فيراجع : كتب حذر منها العلماء للشيخ مشهور حسن سلمان (2/118) .
و بعد هذه المقدمة سوف أتناول إن شاء الله في كل حلقة موضوعاً يتم دراسته دراسة علمية .
فهذا التاريخ نقدمه إلى أمتنا في وقت هي أشد ما تكون حاجة إليه ، فإننا في صراعنا المعاصر لا نبدأ من فراغ ، و ليس على سطح الأرض اليوم ، لا في أمريكا و لا في أوروبا و لا في روسيا ، و لا في غيرها أمة لها ما للمسلمين من جذور عميقة في التاريخ ، و في الأصول الحضارية ، و لا في منهج الحياة ، فهي كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء .
موضوع اليوم
قصة مكذوبة على رسو الله صلى الله عليه وسلم ، و ملخصها هو : (( أنه جيء بسبي للرسول صلى الله عليه و سلم ، و كان من بين هذا السبي سفّانة بنت حاتم الطائي ... فاستعطفت سفانة النبي صلى الله عليه و سلم بقولها : ( يا محمد هلك الوالد ، و غاب الوافد ، فإن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب ، فإن أبي كان سيد قومه ، يفك العاني ، و يقتل الجاني ، و يحفظ الجار ، و يحمي الذمار ، ويفرج عن المكروب ، و يطعم الطعام ، و يفشي السلام ، و يحمل الكل ، و يعين على نوائب الدهر و ما أتاه أحد في حاجة فرده خائباً ، أنا بنت حاتم الطائي ) . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : يا جارية هذه صفات المؤمنين حقاً ، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه ، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق )) .
علة هذه الحادثة و كونها باطلة :-
إن هذا النص مكذوب على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، بل فيه عبارات مستهجنة من وصف الراوي – و هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه – لجسم هذه الفتاة ، و عينيها ، و فخذيها ، وقامتها و ساقيها ، و .. ..!!!
إن هذا النص بلا شك من وضع أحد الوضاعين و هو : ضرار بن صرد أبو نعيم الطحان ، فإنه كما قال يحيى بن معين : كذابان بالكوفة : هذا و أبو نعيم النخعي . أنظر الميزان (2/327) .
و في الإسناد أيضاً : أبو حمزة الثمالي ، و هو متروك ليس بثقة . الميزان (1/363) .
و في الإسناد محمد بن السائب الكلبي ، و الواقدي ، و قد عرف حالهما و ليس هناك داع لذكرها .
و للقصة طريق آخر ، لكن فيه سليمان بن الربيع النهدي ، و قد تركه الدارقطني ، و قال مرة : ضعيف . الميزان (2/207) .
و أقل أحوال هذه القصة أنها ضعيفة جداً ، مع الحكم بوضعها غير بعيد ؛ لأن علامات الكذب عليه واضحة ! و للأسف فإن هذه الحادثة من الدروس المقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في مادة اللغة العربية ..
ولمن أراد التأكد و البحث بنفسه عن مكان هذه القصة فعليه بالمصادر التالية :-
1- دلائل النبوة للبيهقي (5/341) .
2- تاريخ دمشق لابن عساكر – تراجم النساء – ( ص 151-152 ) .
3 – تاريخ دمشق ( 69/ 193 ، 197- 198) .
أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
إن الأمة الإسلامية قد تتعرض لفترات ضعف ، تؤثر على شخصيتها ، لكن يظل منهجها الرباني قائماً بالقسط لا يثلمه ظلم غادر ، أو طغيان متجبر ، أو تحريف غال ..
و قد سعى أعداء الإسلام و منذ عصر الرسالة ، للطعن في هذا الدين بشتى الوسائل والطرق ، و بذلوا في ذلك الغالي والنفيس ، لكن الله لم يمكن لهم ، فرد كيدهم ، و قطع ألسنتهم ، و فضح سرائرهم ..
و إن من أكثر الأمور التي يستغلها الأعداء للدس والطعن في هذا الدين ، هو التاريخ ! نعم هو التاريخ ..
قد تتساءلون كيف ؟ أقول : إن أحداث التاريخ عامة ، والتاريخ الإسلامي خاصة لم يتم تدوينها إلا في زمن العباسيين ، فالأحداث التي حدثت قبل تلك الفترة اعتمد المؤرخون في تدوينها على الرواة و هؤلاء الرواة يتفاوتون في درجاتهم ، و عدالتهم ..
خاصة إذا علمنا أن من بين الرواة من تأثر بالفكر الخارجي ، وآخر بالفكر الرافضي ، و ثالث من تستهويه المناصب .. الخ .
لذا فقد وضع أهل الاختصاص قواعد مهمة لقبول تلك الروايات ، تماماً كتلك القواعد التي وضعت لدراسة الحديث النبوي الشريف ، من دراسة للسند و المتن ، و غيرها .. كذلك وضعوا شروطاً لقبول تلك الرواية ، شروط تتعلق بالحدث ، و أخرى براوي الحدث .
و بما أن هذا الدس وقع في فترة هي عزيزة على قلوبنا ، ألا و هي الفترة الذهبية كما يسميها أهل العلم ، لذا فإنه علينا نحن أحفاد الصحابة أن نذب عنهم ما نستطيع ، كل حسب قدرته ، و كل في موضعه ، و لئن أتى على هذه الأمة خريف أسقط ما عليها من ورق ، و لم يرى الراءون عليها ما اعتادوا من أطايب الثمر ، و أقبل صبيان التاريخ يتقافزون على فروعها و يقتطعون منها ، فإن من طبائع الأمور الخاضعة لسنة الله أن تمد جذورها من جديد ، فتعود مورقة تستظل البشرية بظلها ، و لن يصلح شأن هذه الأمة إلا بما صلح به أولها .
و من هذا المنطلق فقد استعنت بالله أن أقوم بهذا الجهد المتواضع ، لعل الله أن ينفع به ، فأسميته (( أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ )) ، و لعل هذا الاسم ليس غريباً عن البعض منكم ، فهو عنوان لكتاب من تأليف الدكتور : إبراهيم شعوط ، لكن هذا الكتاب على الرغم من أن صاحبه أظهر فيه الغيرة على التاريخ الإسلامي ، و أثار مسائل تحتاج إلى بحث و تمحيص ، إلا أنه وقع في أخطاء كثيرة جعلت من تلك الأخطاء ، أباطيل تضاف إلى تلك الأخطاء التي دافع عنها . و ليس هنا مجال الحديث عن هذا الكتاب ، لكن من أراد الاستزادة فيراجع : كتب حذر منها العلماء للشيخ مشهور حسن سلمان (2/118) .
و بعد هذه المقدمة سوف أتناول إن شاء الله في كل حلقة موضوعاً يتم دراسته دراسة علمية .
فهذا التاريخ نقدمه إلى أمتنا في وقت هي أشد ما تكون حاجة إليه ، فإننا في صراعنا المعاصر لا نبدأ من فراغ ، و ليس على سطح الأرض اليوم ، لا في أمريكا و لا في أوروبا و لا في روسيا ، و لا في غيرها أمة لها ما للمسلمين من جذور عميقة في التاريخ ، و في الأصول الحضارية ، و لا في منهج الحياة ، فهي كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء .
موضوع اليوم
قصة مكذوبة على رسو الله صلى الله عليه وسلم ، و ملخصها هو : (( أنه جيء بسبي للرسول صلى الله عليه و سلم ، و كان من بين هذا السبي سفّانة بنت حاتم الطائي ... فاستعطفت سفانة النبي صلى الله عليه و سلم بقولها : ( يا محمد هلك الوالد ، و غاب الوافد ، فإن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب ، فإن أبي كان سيد قومه ، يفك العاني ، و يقتل الجاني ، و يحفظ الجار ، و يحمي الذمار ، ويفرج عن المكروب ، و يطعم الطعام ، و يفشي السلام ، و يحمل الكل ، و يعين على نوائب الدهر و ما أتاه أحد في حاجة فرده خائباً ، أنا بنت حاتم الطائي ) . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : يا جارية هذه صفات المؤمنين حقاً ، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه ، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق )) .
علة هذه الحادثة و كونها باطلة :-
إن هذا النص مكذوب على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، بل فيه عبارات مستهجنة من وصف الراوي – و هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه – لجسم هذه الفتاة ، و عينيها ، و فخذيها ، وقامتها و ساقيها ، و .. ..!!!
إن هذا النص بلا شك من وضع أحد الوضاعين و هو : ضرار بن صرد أبو نعيم الطحان ، فإنه كما قال يحيى بن معين : كذابان بالكوفة : هذا و أبو نعيم النخعي . أنظر الميزان (2/327) .
و في الإسناد أيضاً : أبو حمزة الثمالي ، و هو متروك ليس بثقة . الميزان (1/363) .
و في الإسناد محمد بن السائب الكلبي ، و الواقدي ، و قد عرف حالهما و ليس هناك داع لذكرها .
و للقصة طريق آخر ، لكن فيه سليمان بن الربيع النهدي ، و قد تركه الدارقطني ، و قال مرة : ضعيف . الميزان (2/207) .
و أقل أحوال هذه القصة أنها ضعيفة جداً ، مع الحكم بوضعها غير بعيد ؛ لأن علامات الكذب عليه واضحة ! و للأسف فإن هذه الحادثة من الدروس المقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في مادة اللغة العربية ..
ولمن أراد التأكد و البحث بنفسه عن مكان هذه القصة فعليه بالمصادر التالية :-
1- دلائل النبوة للبيهقي (5/341) .
2- تاريخ دمشق لابن عساكر – تراجم النساء – ( ص 151-152 ) .
3 – تاريخ دمشق ( 69/ 193 ، 197- 198) .
magdyomara- مشرف الاقسام العامه
- زقم العضويه : 128
عدد المساهمات : 3479
نقاظ : 10166
السٌّمعَة : 108
تاريخ التسجيل : 28/04/2010
العمر : 66
- مساهمة رقم 2
رد: اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الغالي ابو عادل
بارك الله فيك ** وجزاك الله كل الخير ** وجعلة في ميزان حسناتك
الاخ الغالي ابو عادل
بارك الله فيك ** وجزاك الله كل الخير ** وجعلة في ميزان حسناتك
ابوعادل- صديق جديد
- عدد المساهمات : 17
نقاظ : 5125
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/12/2010
- مساهمة رقم 3
رد: اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ
وجزاك الله مثله وبارك فيك
بنوتة الشام- مراقب عام المنتدى
- زقم العضويه : 84
عدد المساهمات : 3916
نقاظ : 10664
السٌّمعَة : 119
تاريخ التسجيل : 03/03/2010
العمر : 43
الموقع : سوريا
- مساهمة رقم 4
رد: اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ
بارك الله فيك
وجعله بميزان حسناتك
وجعله بميزان حسناتك
ابوعادل- صديق جديد
- عدد المساهمات : 17
نقاظ : 5125
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/12/2010
- مساهمة رقم 5
رد: اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ
الحلقه الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
إن القصص المكذوبة في تاريخ أمتنا لكثيرة كثيرة ، خاصة تاريخ صدر الإسلام ، و بالأخص عصر الخلافة الراشدة ، و اليوم مع قصة مكذوبة ، منتشرة في كثير من الكتب ، حتى في المقررات الدراسية كالقصة التي سبقت في الحلقة الأولى ، و قصة اليوم هي عن شريح القاضي ، و هي كالتالي :-
روى أبو نعيم – رحمه الله – في الحلية ( 4 / 139 ) ، هذه القصة بسندين أحدهما : أن علياً رضي الله عنه وجد درعاً له عند يهودي التقطها ، فعرفها – أي علي – فقال : درعي سقطت عن جمل لي أورق ، فقال اليهودي درعي و في يدي ، ثم قال له اليهودي : بيني و بينك قاضي المسلمين ، فأتوا شريحاً ، فلما رأى علياً قد أقبل تحرف عن موضعه ، وجلس علي فيه ثم قال علي : لو كان خصمي من المسلمين لساويته في المجلس ، و لكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تساووهم في المجلس ، و ألجئوهم إلى أضيق الطرق ، فإن سبوكم فاضربوهم ، و إن ضربوكم فاقتلوهم . ثم قال شريح : ما تشاء يا أمير المؤمنين ؟ قال : درعي سقطت عن جمل لي أورق والتقطها هذا اليهودي ، فقال شريح : ما تقول يا يهودي ؟ قال : درعي و في يدي ، فقال شريح : صدقت ، و الله يا أمير المؤمنين ، إنها لدرعك ، و لكن لا بد من شاهدين فدعا قنبراً مولاه والحسن بن علي ، و شهدا أنها لدرعه ، فقال شريح :أما شهادة مولاك فقد أجزناها ، و أما شهادة ابنك لك فلا نجيزها ، فقال علي : ثكلتك أمك ، أما سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة . قال : اللهم نعم ، قال : أفلا تجيز شهادة سيد شباب أهل الجنة ؟ والله لأوجهنك إلى بانفيا – ناحية من الكوفة – تقضي بين أهلها أربعين يوماً ، ثم قال لليهودي : خذ الدرع ، فقال اليهودي : أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين ، فقضى عليه و رضي ، صدقت و الله يا أمير المؤمنين ، إنها لدرعك سقطت عن جمل لك التقطها ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فوهبها له علي ، و أجازه بتسعمائة ، و قتل معه يوم صفين .
أما السند الثاني : فهي أنه لما توجه علي إلى حرب معاوية افتقد درعاً له ، فلما انقضت الحرب ورجع إلى الكوفة أصاب الدرع في يد يهودي يبيعها في السوق ، فقال له علي : يا يهودي ، هذه الدرع درعي ، لم أبع ولم أهب ، فقال اليهودي : درعي و في يدي ، فقال علي : نصير إلى القاضي ، فتقدما إلى شريح ، فجلس علي إلى جانب شريح ، و جلس اليهودي بين يديه فقال علي : لولا أن خصمي ذمي لاستويت معه في المجلس ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : صغروا بهم كما صغر الله بهم . فقال شريح : قل يا أمير المؤمنين ، فقال : نعم ، إن هذه الدرع التي في يد اليهودي درعي ، و لم أبع و لم أهب ، فقال شريح : ما تقول يا يهودي ؟ فقال : درعي و في يدي فقال شريح : يا أمير المؤمنين بينه ، قال : نعم ، قنبر والحسن يشهدان أن الدرع درعي ، قال : شهادة الابن لا تجوز للأب ، فقال : رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . فقال اليهودي : أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه ، وقاضيه قضى عليه ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، و أن الدرع درعك ، كنت راكباً على جملك الأورق ، و أنت متوجه إلى صفين ، فوقعت منك ليلاً فأخذتها ، و خرج يقاتل مع علي الشراة بالنهروان فقتل .
هذه القصة قرأتها في سبل السلام للصنعاني ، في كتاب القضاء باب تسوية القاضي بين الخصوم في المجلس ، عازياً لها إلى الحلية ، وأعجبت بها ، وكنت آنذاك لا أميز بين الصحيح والموضوع ، و قد ارتسمت في ذهني لما اشتملت عليه من العدل والإنصاف من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ؛ و قاضيه شريح بن الحارث الكندي رحمه الله ، و بعد زمن طويل طالعت في كتاب الأباطيل للجوزقاني ، فإذا هو يذكر القصة في الأباطيل ، ولما رأيت الناس معجبين بهذه القصة كما أعجبت بها ، فذاك يلقيها في محاضرته ، و آخر ينشرها في مجلته ، و ثالث يذكرها في كتابه – صور من حياة التابعين – والقصة لا تصح ، رأيت أن أذكر ما قال أهل العلم في هذه القصة .
قلت : ذكر القصة الذهبي في الميزان (1/585) في ترجمة أبي سُمير حكيم بن خِذام . و ذكر الحافظ الذهبي أن أبا حاتم قال : إنه متروك الحديث ، و قال البخاري منكر الحديث يرى القدر .. فعلم بذلك أن القصة ضعيفة جداً من طريق سمير هذا .
والجوزقاني رحمه الله ذكرها في الأباطيل ( 2 / 197 ) و قال : ( ص 198 ) : هذا حديث باطل تفرد به أبو سمير ، و هو منكر الحديث إلى آخر ما ذكره .
و أورد هذه القصة أيضاً محمد بن خلف الملقب بوكيع في كتابه ( أخبار القضاة ) (2/194) بسند آخر مظلم .
و ذكرها ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 2 / 388 ) من هذا الوجه وقال : لا يصح .
و أما السند الثاني فسند مظلم لم أجد في كتب الجرح والتعديل إلا ترجمة علي بن عبد الله بن معاوية و معاوية بن ميسرة ، في الجرح و التعديل لابن أبي حاتم .
و رواها البيهقي في السنن الكبرى (10/136) من وجه آخر من طريق جابر الجعفي عن الشعبي و ذكر الحديث ، و في إسناده عمر بن شَمِر – انظر ترجمته في الجرح والتعديل (6/239) و الميزان (3/268) – و انظر ترجمة جابر الجعفي في المجروحين (1/208) و الميزان (2/379) و الجرح والتعديل (2/497) – ، و هما ضعيفان .
فعلم أن هذه القصة لا تثبت ، وعدالة الإسلام معلومة من غير هذه القصة الباطلة والحمد لله .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
إن القصص المكذوبة في تاريخ أمتنا لكثيرة كثيرة ، خاصة تاريخ صدر الإسلام ، و بالأخص عصر الخلافة الراشدة ، و اليوم مع قصة مكذوبة ، منتشرة في كثير من الكتب ، حتى في المقررات الدراسية كالقصة التي سبقت في الحلقة الأولى ، و قصة اليوم هي عن شريح القاضي ، و هي كالتالي :-
روى أبو نعيم – رحمه الله – في الحلية ( 4 / 139 ) ، هذه القصة بسندين أحدهما : أن علياً رضي الله عنه وجد درعاً له عند يهودي التقطها ، فعرفها – أي علي – فقال : درعي سقطت عن جمل لي أورق ، فقال اليهودي درعي و في يدي ، ثم قال له اليهودي : بيني و بينك قاضي المسلمين ، فأتوا شريحاً ، فلما رأى علياً قد أقبل تحرف عن موضعه ، وجلس علي فيه ثم قال علي : لو كان خصمي من المسلمين لساويته في المجلس ، و لكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تساووهم في المجلس ، و ألجئوهم إلى أضيق الطرق ، فإن سبوكم فاضربوهم ، و إن ضربوكم فاقتلوهم . ثم قال شريح : ما تشاء يا أمير المؤمنين ؟ قال : درعي سقطت عن جمل لي أورق والتقطها هذا اليهودي ، فقال شريح : ما تقول يا يهودي ؟ قال : درعي و في يدي ، فقال شريح : صدقت ، و الله يا أمير المؤمنين ، إنها لدرعك ، و لكن لا بد من شاهدين فدعا قنبراً مولاه والحسن بن علي ، و شهدا أنها لدرعه ، فقال شريح :أما شهادة مولاك فقد أجزناها ، و أما شهادة ابنك لك فلا نجيزها ، فقال علي : ثكلتك أمك ، أما سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة . قال : اللهم نعم ، قال : أفلا تجيز شهادة سيد شباب أهل الجنة ؟ والله لأوجهنك إلى بانفيا – ناحية من الكوفة – تقضي بين أهلها أربعين يوماً ، ثم قال لليهودي : خذ الدرع ، فقال اليهودي : أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين ، فقضى عليه و رضي ، صدقت و الله يا أمير المؤمنين ، إنها لدرعك سقطت عن جمل لك التقطها ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فوهبها له علي ، و أجازه بتسعمائة ، و قتل معه يوم صفين .
أما السند الثاني : فهي أنه لما توجه علي إلى حرب معاوية افتقد درعاً له ، فلما انقضت الحرب ورجع إلى الكوفة أصاب الدرع في يد يهودي يبيعها في السوق ، فقال له علي : يا يهودي ، هذه الدرع درعي ، لم أبع ولم أهب ، فقال اليهودي : درعي و في يدي ، فقال علي : نصير إلى القاضي ، فتقدما إلى شريح ، فجلس علي إلى جانب شريح ، و جلس اليهودي بين يديه فقال علي : لولا أن خصمي ذمي لاستويت معه في المجلس ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : صغروا بهم كما صغر الله بهم . فقال شريح : قل يا أمير المؤمنين ، فقال : نعم ، إن هذه الدرع التي في يد اليهودي درعي ، و لم أبع و لم أهب ، فقال شريح : ما تقول يا يهودي ؟ فقال : درعي و في يدي فقال شريح : يا أمير المؤمنين بينه ، قال : نعم ، قنبر والحسن يشهدان أن الدرع درعي ، قال : شهادة الابن لا تجوز للأب ، فقال : رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . فقال اليهودي : أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه ، وقاضيه قضى عليه ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، و أن الدرع درعك ، كنت راكباً على جملك الأورق ، و أنت متوجه إلى صفين ، فوقعت منك ليلاً فأخذتها ، و خرج يقاتل مع علي الشراة بالنهروان فقتل .
هذه القصة قرأتها في سبل السلام للصنعاني ، في كتاب القضاء باب تسوية القاضي بين الخصوم في المجلس ، عازياً لها إلى الحلية ، وأعجبت بها ، وكنت آنذاك لا أميز بين الصحيح والموضوع ، و قد ارتسمت في ذهني لما اشتملت عليه من العدل والإنصاف من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ؛ و قاضيه شريح بن الحارث الكندي رحمه الله ، و بعد زمن طويل طالعت في كتاب الأباطيل للجوزقاني ، فإذا هو يذكر القصة في الأباطيل ، ولما رأيت الناس معجبين بهذه القصة كما أعجبت بها ، فذاك يلقيها في محاضرته ، و آخر ينشرها في مجلته ، و ثالث يذكرها في كتابه – صور من حياة التابعين – والقصة لا تصح ، رأيت أن أذكر ما قال أهل العلم في هذه القصة .
قلت : ذكر القصة الذهبي في الميزان (1/585) في ترجمة أبي سُمير حكيم بن خِذام . و ذكر الحافظ الذهبي أن أبا حاتم قال : إنه متروك الحديث ، و قال البخاري منكر الحديث يرى القدر .. فعلم بذلك أن القصة ضعيفة جداً من طريق سمير هذا .
والجوزقاني رحمه الله ذكرها في الأباطيل ( 2 / 197 ) و قال : ( ص 198 ) : هذا حديث باطل تفرد به أبو سمير ، و هو منكر الحديث إلى آخر ما ذكره .
و أورد هذه القصة أيضاً محمد بن خلف الملقب بوكيع في كتابه ( أخبار القضاة ) (2/194) بسند آخر مظلم .
و ذكرها ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 2 / 388 ) من هذا الوجه وقال : لا يصح .
و أما السند الثاني فسند مظلم لم أجد في كتب الجرح والتعديل إلا ترجمة علي بن عبد الله بن معاوية و معاوية بن ميسرة ، في الجرح و التعديل لابن أبي حاتم .
و رواها البيهقي في السنن الكبرى (10/136) من وجه آخر من طريق جابر الجعفي عن الشعبي و ذكر الحديث ، و في إسناده عمر بن شَمِر – انظر ترجمته في الجرح والتعديل (6/239) و الميزان (3/268) – و انظر ترجمة جابر الجعفي في المجروحين (1/208) و الميزان (2/379) و الجرح والتعديل (2/497) – ، و هما ضعيفان .
فعلم أن هذه القصة لا تثبت ، وعدالة الإسلام معلومة من غير هذه القصة الباطلة والحمد لله .