كلمات في الرقائق 5 و الأخير
نورجيمى- مشرف عام القسم الاسلامي
- زقم العضويه : 11
عدد المساهمات : 1059
نقاظ : 7068
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 03/01/2010
- مساهمة رقم 1
كلمات في الرقائق 5 و الأخير
يا أيها الأحبة: وبعد الميزان صراط: جسر يضرب على متن جهنم كهذه القنطرة التي ضربت على متن هذه الترعة {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً{71} ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } [ مريم/72،71]. سئل النبي r عن الصراط أو عن الجسركما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد ([13]) عن النبي r: ((دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك ، تكون بنجد فيها شويكة يقال لها: السعدان ، فيمر المؤمنون)) أو مذلة أي مواطن تذل عليه الأقدام ، إلا من ثبت الله قدميه اللهم ثبت أقدامنا على الصراط، ((فيمر عليه المؤمنون كالطود وكالبرق وكالريح ، وكالطير ، وكأجاويد الخيل والركاب)) كالفارس الذي يركب جواده ((فناج مسلم)) اجعلنا يا سيدي منهم ((ومخدوش مرسل ، ومكدوس في نار جهنم)) فعلى الصراط الكلاليب: جمع كلوب، وخطاطيف: جمع خطاف، وحسك: نوع من أنواع الشوك يشبه الخطاف.
أرجو أن تتصور معي أن هذه الكلاليب والخطاطيف والحسك تعرف بأمر ربها من تخطف إلى جهنم ، ومن تسمح له أن يمر إلى الجنة ، عليه خطاطيف وكلاليب ، وحسك وبعد الصراط قنطرة قد لا يعرف عنها كثير من المسلمين أي شيء .
وحديث القنطرة في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أن الحبيب النبي r قال: (( إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار ، فيتقاصون مظالم كانت بينهم حتى إذا هذبوا ونقوا أذن الله لهم بدخول الجنة )) قال : (( فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى – أي : أعرف – بمنزله في الجنة منه بمنزله في الدنيا ))(1). يعني : سينطلق المؤمنون بعد هذا القصاص ، كل إلى مكانه في الجنة لا يسأل عن بيته في الجنة ملكاً مقربا ولا نبي مرسلا ، لأن الله عرفه منزله في الجنة كما سينطلق هذا الجمع الآن بعد قليل كل فرد إلى بيته لن تسأل عن بيتك أحدا من الناس .
لا أريد أن أتوقف عن النار ، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من النار ، فالطعام في النار نار ، والشراب في النار نار ، والثياب في النار نار .
طعام أهل النار زقوم وضريع وغسلين، فإذا تأججت النار في البطون استغاثوا وسألوا ربهم أن يغيثهم بماء فأغاثهم {بِمَاء كَالْمُهْلِ} أي: كالزيت الذي يغلي {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف/29]. حتى الثياب تفصل لهم في النار من نار قال – جل وعلا:{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ{19} يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ{20} وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} [الحج/19-21] فيستغيث أهل النار بخزنة جهنم {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ{49} قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } [ غافر/50،49].
فيتذكر أهل النار مالكا خازن النار: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} يريدون أن يقضي الله عليهم حتى لا يتعرضون لهذا العذاب {قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ} [الزخرف/77] فيتذكر أهل النار إخوة لهم دخلوا الجنة ، كانوا معهم في الدنيا فينادي أهل النار على هؤلاء الموحدين : {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ{50} الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [الأعراف/51،50] فيستغيث أهل النار بالعزيز الغفار والواحد القهار ، {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ{106} رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ{107} قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون/ 106- 108].
هذا رد ربك .
أما الجنة اللهم – اجعلنا من أهلها – ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعن ، ولا خطر على قلب بشر لن أستهل بآيات ، ولا بأحاديث فالوقت لا يتسع لذلك ، لكن اسمح لي أن اذكر حديثا واحداً يبين فيه نبينا الصادق منزلة أدنى رجل في الجنة ، وتصور أنت بعد ذلك نعيم الجنة .
وحديث هذا الرجل في حديث مسلم من حديث المغيرة بن شعبة أن النبي r قال: (( سأل موسى بن عمران )) على نبينا وعليه الصلاة والسلام ((سأل ربه عز وجل وقال: يارب ما أدنى أهل الجنة منزلا ؟ فقال الرب جل وعلا لموسى: ذاك رجل يجيء فيقال له: ادخل الجنة فينطلق ثم يعود إلى الله ويقول: يارب قد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم)).
يعني: لا مكان لي في الجنة ، الجنة مشغولة شغلت كل الأماكن فيها يقول الرب جل وعلا: أترضى أن يكون لك ملكك في الجنة كملك ملك من ملوك الدنيا .
وقد لا نعرف نحن جميعا ملك من ملوك الدنيا (( فيقول العبد للرب: رضيت يارب رضيت)) أن يكون ملكي في الجنة كملك ملك من ملوك الدنيا رضيت يارب ((فيقول الرب – جل وعلا )) وفقط ، لأن الذي يكلمه الكريم ((لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله فيقول العبد في المرة الخامسة: رضيت يارب فيقول الرب جل جلاله: لك ذلك وعشرة أمثاله معك قال موسى: يارب هذا أدنى أهل الجنة منزلة فما أعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين غرست كرامتهم بيدى وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ))(1) .
أيها الحبيب اللبيب: هل ستتوب؟ هل ستتوب الآن؟ هل ستتوبين الآن بعد كل هذه الكلمات الرقراقة من كلام ربي وكلام نبينا r هل ستتوب؟ هل ستحقق التوحيد؟ هل ستحافظ على الصلاة؟ هل ستحافظ على أكل الحلال؟ هل ستحقق من الآن بر والديك؟ هل ستحسن من اليوم إلى جيرانك في البيت وإلى جيرانك في الوظيقة والعمل ؟ هل ستتخلى من اليوم عن أكل الربا ؟ هل سترد حقوق اليتامى اليوم إليهم ؟ هل سترجع اليوم إلى جارك الذي آذيته ، لتعتذر له ؟ هل سترجع في الصباح الباكر إلى موظفك أو مرؤوسك في العمل ؟ لتعتذر له بعد أن ظلمته ؟ هل سترد الحقوق إلى أهلها ؟ هل ستلبسين الحجاب أيتها المسلمة ؟ هل سنكف وآسفاه ، إن دعينا بعد كل هذا إلى التوبة ، وما أجبنا ، واحسرتاه إن دعينا بعد كل هذه الكلمات إلى التوبة ، وما أنبنا .
يا نادما على الذنوب أين أثر ندمك ؟ يا نادما على الذنوب أين أثر ندمك ؟
أين بكاؤك على زلة قدمك ؟ هيا الآن قبل أن ترجع إلى البيت ، عاهد ربك .
وأنت أيها المسلم يا من تستمع إلى عبر شريط الكاسيت ، هيا الآن قبل أن تغلق الكاسيت والجهاز ،و تقرأ خطبتى عاهد ربك اللحظة على التوبة ، على الإنابة ، على الأوبة ، ارجع مهما كانت معاصيك ، مهما عظمت ذنوبك ، اقرع باب الملك بقلبك ، فإن أبواب الملوك لا تقرع بالأظافر ، كيف وأنت تطالب الآن بقرع باب ملك الملوك – جل جلاله: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر/53] .
واعلم أن الله سيفرح بتوبتك وأوبتك ، وهو الغنى عن العالمين ، لا تنفعه الطاعة ، ولا تضره المعصية .
الآن، الآن عاهد ربك على تحقيق التوحيد، على المحافظة على الصلوات، على المحافظة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر والدعوة إلى الله بأي وسيلة من الوسائل، عاهد ربك على أن تكون عبدا يعيش في الدنيا، وقلبه معلق بالآخرة, عاهد ربك على أن تكون بعد هذا اللقاء إنسانا مختلفا تمام الاختلاف .
فالتوبة التوبة : هي العودة من المعصية إلى الطاعة ، هي العودة عن كل ما يغضب الله إلى كل ما يرضي الله - سبحانه وتعالى .
أيها الشاب الحبيب اللبيب ، أيها الوالد الكريم ، أيتها الأم الكريمة ، أيتها الأخت الفاضلة ، أذكر نفسي والمسلمين جميعا بالعودة إلى الله – عز وجل – فالدنيا مهما طالت، فهي قصيرة ومهما عظمت فهي حقيرة ، لأن الليل مهما طال لابد من طلوع الفجر، ولأن العمر مهما طال لابد من دخول القبر .
ليس معنى ذلك أننا ننادي على المسلمين أن يتركوا الدنيا ، كلا كلا إنما قلت في ثنايا اللقاء : الدنيا دار صدق فيها من صدقها ، ودار نجاة لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزود منها فهي مصلى الأنبياء ، ومتجر أولياء الله ، ربحوا فيها الرحمة واكتسبوا فيها الجنة.
هذا وما كان من توفيق ، فمن الله وحده ، وما كان من خطأ أو سهو ، أو نسيان فمني ومن الشيطان ، وأعوذ بالله أن أكون جسرا تعبرون عليه إلى الجنة ، ويلقى به في النار ، ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته